image_pdfimage_print

الثبات عزيز

الثبات ليس ادعاء يدعيه المرء ولا لقبا يستجلبه لنفسه، والثبات ليس انحيازا إلى جهة ما لاعتقاده أن الحق مستقر هناك، فكم من منحرف ادعى الثبات؟!

وهذا الصنف غالبا ما يكون مستجيبا لمؤثرات شتى تبني له موقفه الذي يزعم من خلاله أنه ثابت منها: الجهل، واتباع الهوى، وحسن الظن، والتعصب، والغلو بأن يرى الأعلم هو الأقوم وأنه لا يصدر منه ما يخدش منهجه ويسقط عدالته، ومنها العاطفة، والتقليد الأعمى، والانسياق وراء المنساقين، وحظوظ النفس، وكراهية الطرف المقابل والحقد عليه، والتشفي فيه، والحسد، ومنها حب الدنيا واتباع المصالح، والسعي وراء المآرب، وعدم الإخلاص وترك الصدق، والمعاصي بشتى أنواعها…

الثبات الذي هو الثبات بمفهوم الشرع شيء عزيز، هو معرفة الحق بدليله، والدليل لا يكون دليلا إلا إذا توفرت شروطه الشرعية التي بينها العلماء، فيثبت من عرف الحق على الحق مستجمعا لضوابط الأحقية من شتى نواحيها فيعدل ولا يظلم، ويتأدب ولا يفجر، ويصدق ولا يكذب، ولا يتدخل فيما لا يعنيه، ولا يخوض فيما هو أكبر منه، ولا يتكلم بما لا يعلم، ولا ينقل كل ما يسمع، ولا ينقل أخبار المجاهيل، ولا يزيد فيما ينقل، ولا يتكلم عن هوى، ولا يتكلم ولا يعمل لقصد آخر غير قصد الإخلاص لله والدار الآخرة… هذا ثبات في الفتن الحاصلة التي تشغل الناس في دينهم وتحل الفوضى والاضطراب في ساحتهم.

وثمرة هذا الثبات أن المرء يثبت على دينه بشكل عام، فلا يزداد إلا خيرا في عباداته وعلمه واتباعه وسلوكه وأخلاقه ومعاملاته مع ربه ومع الخلق وهكذا في شؤون دنياه فيكون متقنا لعمله، محافظا على وقته، نافعا للناس محسنا إليهم…

فهذا هو الثبات الذي يقال عنه شرعا أنه ثبات.

أما إدعاءات الثبات وأصحابها؛ فالواقع يفضحهم.

والله وحده هو الهادي إلى سواء السبيل.

كتبه أبو فهيمة عبد الرحمن عياد

بجاية، يوم: السبت 21 صفر 1444

الموافق ل: 17 سبتمبر 2022.

نشره موقع العلم والعمل

https://scienceetpratique.com/12109-2