وأعرض عن الجاهلين

أخي الأريب، إياك أن ترد على سفيه أو تجادله أو تجاريه؛ فلن تجني من ذلك إلا الحسرة؛ وليس للسفيه حيلة غير ما هو فيه من السفه والتهجم والتقول؛ فهو يعلم أنه الأسلوب الوحيد الذي يملكه للانتصار لنفسه، أو لغيره، ولا يحسن غيره، فلا علم ولا عقل ولا حجة له يقارع بها؛ وإنما جُعل سلاحه في سفاهته؛ فاتركه وأعرض عنه وترفع عن الالتفات إليه، واجعل ذلك بغية رضا الله؛ فإن أنت فعلت ذلك فاعلم أنك كَوَيته بنار الصمت والإعراض، وجازيته بما هو أهل له؛ فالسفيه إنما يريد منك أن تنزل إلى دركته؛ فتجاريه؛ فيزداد اشتعالا وسفها فيُسرى عنه، وهكذا هو السفيه؛ فلا تقم له وزنا؛ تصب مقاتله وتفلح وتنجح؛ فليس أشد على السفيه من السكوت والالتفات عنه.

قال الإمام الشافعي رحمه الله:

إذا نطَق السَّفيهُ فلا تُجِبْه

 فخيرٌ مِن إجابتِه السُّكوتُ

فإن كلَّمْتَه فرَّجْتَ عنه

وإن خلَّيتَه كَمَدًا يموتُ. (ديوان الشافعي، ص: 34).

وقال ابن أبي العيش رحمه الله: » السكوت عن السّفيه جواب، والإعراض عنه عقاب، ومُباعدته ثواب. »

وقال العلامة الأديب محمود شاكر رحمه الله: « وليعلم كلُّ من لا يعلم أنَّ السُّفهاء في الدُّنيا كثير، فإذا كان يغضب لكلِّ سفاهة من سفيه فإنَّ شقاءه سيطول بغضبه!

فدع السفهاء وليقولوا ما شاءوا، وكن أنت ضنينا بكرامتك! فإنَّها أعزُّ وأغلى من أن تبذل على الألسنة! »

جمهرة المقالات (597/1) .

والحمد لله على نعمة العافية.

التذكرة في قبول المعذرة، ص: 113.

د. أبو فهيمة عبد الرحمن عياد.

موقع العلم والعمل:

https://scienceetpratique.com/10031-2/