تلازم الكذب والفجور
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فالكذب بريد الفجور؛ فما كذب عبد إلا وجره كذبه إلى الفجور وقول الباطل والبغي، وإنك لتجد الكثير ممن يفجر في الخصومة يستعمل الكذب وكأن الله تعالى لا يسمعه ولا يراه، بل لن تجد فاجرا في الخصومة إلا وهو كاذب!
وقد « جاءَ رجل إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ما عَملُ الجنَّةِ ؟ قالَ : الصِّدقُ، وإذا صدَقَ العبدُ بَرَّ، وإذا بَرَّ آمَنَ، وإذا آمَنَ دخلَ الجنَّةَ، قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، ما عمَلُ النَّارِ ؟ قالَ: الكذِبُ إذا كذَبَ العبدُ فجَرَ، وإذا فجرَ كفَرَ، وإذا كفَرَ دخلَ النَّارَ. » رواه أحمد وصححه أحمد شاكر.
قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم: » (وإن خاصم فجر)؛ أي مال عن الحق وقال الباطل والكذب، قال أهل اللغة: وأصل الفجور الميل عن الحق. »
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: » أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ. وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ «
قال الإمام ابن باز رحمه الله: » (وإذا خاصم) كذب في خصومته وتوسع في الكذب والفجور وظلم لعدم إيمانه أو لضعف إيمانه، فالفجور هو التوسع في المعصية وإظهارها -نسأل الله العافية- كانفجار الماء، فالحاصل أنه يتوسع في الكذب والعدوان على الخصم واللدد في الخصومة لضعف إيمانه أو عدم إيمانه نعوذ بالله، هكذا شأن المنافقين لعدم إيمانهم، ولهم صفات بيَّنها الله في القرآن غير هذه الصفات… » موقع الشيخ رحمه الله.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: »عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فهذه ذكرى ونصيحة عسى الله أن ينفع بها من يشاء، والله من وراء القصد.
كتبه: أبو فهيمة عبد الرحمن عياد البجائي.
يوم السبت 5 ربيع الآخر 1442 ه.
22/11/2020م.