مُشعِلُ العَدَاوات ومُفَرِّق الجماعات: سوءُ الظن

تحميل

فمن المعاصي التي عمت بها البلوى في أوساط كثير من الناس، فقطعت أوصال علاقاتهم وشتتت شملهم بعد اجتماعهم؛ حيث أنها وجدت من يعمل بها ويستثمر في نتائجها الوخيمة: معصية سوء الظن.

ولقد نادانا الله عز وجل بنداء الإيمان وأمرنا بترك كثير من الظن فقال: ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ﴾] الحجرات: 12[، وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من سوء الظن أشد التحذير؛ فقال : »إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث.  » متفق عليه.

فبعد تحذيره عليه الصلاة والسلام من سوء الظن، بين أنه كالحديث الذي يشتد فيه الكذب.

قال النووي رحمه الله : »…وإنما صار أشد من الكاذب؛ لأن الكذب في أصله مُستقبح مستغنًى عن ذمِّه، بخلاف هذا، فإن صاحبه بزعمه مستنِدٌ إلى شيء، فوُصِف بكونه أشدَّ الكذب؛ مبالغةً في ذمِّه والتنفير منه، وإشارةً إلى أن الاغترار به أكثر من الكذب المحض؛ لخَفائه غالبًا ووضوح الكذب المحض. » (ذكره الحافظ في الفتح).

وقديما قيل : »أكثر الظنون مُيُون. » أي أكاذيب؛ فالمَين؛ الكذب.

وعلاج سوء الظن يكون بالإعراض عنه إذا ورد، وترك تصديقه وتحقيقه والعمل به، وبتقوى الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن، والإكثار من دعاء الله والاستعاذة به، وكذا بترك ما لا يعنيه ومجاهدة نفسه فيغلبها ولا يُنَفِّذ سوء ظنه.

فعلى المرء ألا يتكلم بنتائج سوء ظنه، ولا يروِّج ذلك بين الناس، فينشر العداوة والبغضاء والقطيعة بين الإخوان، والله سائله ومحاسبه في يوم ليس فيه اعتذار ولا تحلل: يوم لا ينفع نادمًا ندمُه.

ك/ د. أبو فهيمة عبد الرحمن عياد

أستاذ محاضر في علوم اللسان -باللغة الفرنسية

أطروحة عن المصطلحات الإسلامية باللغة الفرنسية