الوطن كنز لا يُعوَّض
من أراد أن يعلم القيمة الحقيقية للوطن؛ علما لا يخالطه شك؛ ويدرك فداحة فقده؛ فليسأل إخواننا الذين فقدوا أوطانهم وضاعت دولُهم؛ نسأل الله العفو والعافية؛ بل فليمدد ببصره في الطرقات وفيما يراه في الأنترنت؛ يرى كيف هي حياة اللاجئين؛ أسأل الله أن يرفع عنهم ما هم فيه من بلاء…
فوطن المؤمن؛ كالأب والأم؛ إذا ما فقدته؛ فاعلم أنه لن يرجع لك كما كان في حياتك؛ وسيضيع منك ذاك البلد الذي احتضن طفولتك وشبابك؛ وجعل الله لك فيه عائلة وأحبة؛ لن تجدهم في غير وطنك… لن يرجع لك كما كان، وكما أحببته من بوم عرفت نفسك وعرفته…
ورغم وجود النقائص؛ وفي الواقع هذا هو الحال في كل بلاد الدنيا؛ وهي متفاوتة؛ ورغم عدم بلوغك كل ما ترجوه في بلدك؛ ولكن لو اجتمع ذلك كله؛ فلن يساوي معشار ما يساوي البلد المسلم الذي جمعك مع أبناء جنسك دبنك، ولغتك، وقومك، وجمعك بجميع من تحب…
والمسلم يصبر، وهذه الحياة ستزول بنعمها ونقمها؛ وإنما ينال المؤمن ما يرجوه بالعمل مع الصبر؛ الصبر الذي يجب أن يصاحب العبدَ طيلة حياته حتى ينتقل إلى ربه جل وعلا.
ومن تعلم الصبر وحمل نفسه عليه واعتاده حتى يصبح سجية لديه؛ فُتحت له خزائن التوفيق، والقناعة، والطمأنينة، والرضا؛ فيحيا حياة هادئة منسجمة مع قناعاته؛ التي هي من ثمرة صبره؛ خالية من الاضطرابات التي منشؤها حب الدنيا والغفلة عن الآخرة و »حب الدنيا رأس كل خطيئة ». (هذا ليس حديثا، وإنما هو قول مأثور وحكمة).
قال النبي صلى الله عليه وسلم: »إنما الصبر بالتَّصبُّر » صححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة ؛ وقال الفاروق المُلهَم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه : »لقد وجدنا خير عيشنا بالصبر » رواه البخاري.
والمؤمن بطبيعته كيس وفطن، ولا يتعلم من أخطائه فحسب؛ بل يتعلم أيضا من أخطاء غيره؛ « وَالسَّعِيدُ مَن وُعِظَ بغَيْرِهِ »، كما قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. رواه مسلم.
وكتب/ د. أبو فهيمة عبد الرحمن عياد
أستاذ محاضر في علوم اللسان – باللغة الفرنسية-
أطروحة عن المصطلحات الإسلامية في اللغة الفرنسية
موقع العلم والعمل