البعد عن السباب على وسائل التواصل
من الظواهر القبيحة المزرية بالمؤمن، والتي اكتسحت مواقع التواصل الاجتماعى، ولا سيما إذا نشبت الخلاقات: ظاهرة الشدة والتعيير والفجور في الخصومة.
فمن يطالع ما يكتبه الكتبة وما يعلق به المعلقون، يقع على ما يندى له الجبين من من مختلف أساليب التقريع والتعيير، ناهيك عن الشغف بالجدال والحرص على المغالبة، والانتصار للنفس بالسعي الحثيث إلى إفحام الخصم بأي شيء يقوله من هذا حاله… بل وصل بعضهم إلى استعمال الكذب ليغلب هذا الذي يجادله في التعليقات!
ولا شك أن هذه الخصلة خصلة ذميمة لا تليق بالمسلم العامي، فهي من البديهيات، فكيف بالمسلم المتدين ؟!
وفي حقيقة الأمر أن المجادل، ولا سيما إخواننا الشباب، إنما لا يدخل في الجدل بتلك الصورة إلا لأنه يعاني من داء العجب بالنفس، والغرور، والجهل، وسوء الخلق.
وإلا فصاحب الحق؛ لأن المجادل يرى نفسه أنه يدافع عن الحق؛ فصاحب الحق لو علم قدر الحق الذي معه لما احتاج البتة أن يركن لتلك الأساليب.
فالحق قوي بنفسه، وعليه من الأمارات والعلامات ما يجعل من يستمع إليه يقبله، إن كان ممن يحب الحق ويناشد الحق. فالحق قوي بما فيه من الوضوح واليسر على قبوله، وبما فيه من النور ما يجعل النفوس الطاهرة والقلوب السليمة تنقاد إليه طواعية وحبا، لأنها تحب الحق وتحب أن تكون مع أهل الحق.
وهذه سمة أهل الحق في كل زمان ومكان؛ أنهم من أجمل الناس خلقا، وأقواهم على الصبر، وأكثرهم تحملا لأذى الناس، وأحرصهم على هداية الناس بالتلطف معهم أو بالاعراض عنهم، إن رأوا أن الاسترسال في الكلام لا يفيد شيئا، مع الحرص على الدعاء لهم بالهداية والصلاح؛ فهم في غنى عن السب والشتم، وهم في غنى عن الجدال الذي يورث العداوة والبغضاء.
وخلاصة الأمر وجماعه أن مسألة الكلام، وطريقة التعليق، وأسلوب الحوار إنما يرجع كل ذلك إلى ما يحمله قلب المتكلم من خير وإيمان وقوة فيهما أو ضعف؛ فاللسان، ومثله البنان، إنما جعلا دليلا على ما في قلب المرء، فهم تبع له لا محالة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:”ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد وإذا فسدت فسد سائر الجسد.”
فما أحوجنا إلى إصلاح قلوبنا وتزكية نفوسنا، فمدار الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة إنما هو على صلاح القلب (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).
كتبه أبو فهيمة عبد الرحمن عياد
بجاية، يوم: الاثنين 23 صفر 1444
الموافق ل: 19 سبتمبر 2022.
نشره موقع العلم والعمل