سر النجاح
سر النجاح في الحياه الدنيا والآخرة ومدار الفلاح متوقف على صلاح القلب وسلامته؛ فهو مهد الهدى ومحلها، وهو مركز المعرفة بالله والباعث على حبه وأداء حقوقه، والقلب هو معقل العبادات الباطنة التي هي أساس عبادات الجوارح كلها، وهو بيت النية وحصن الإخلاص الذي لا صلاح للأعمال إلا بهما، وبصحة القلب وسلامته والسعي في إصلاحه ومجاهدة شوائبه بلغ من بلغ من صدر هذه الأمة مراتب العلا ومنازل السؤدد.
قال الإمام ابن رجب رحمه الله:”ولم يكن أكثر تطوع النبي صلى الله عليه وسلم وخواص أصحابه بكثرة الصوم والصلاة، بل ببر القلوب وطهارتها وسلامتها وقوة تعلقها بالله: خشية له، ومحبة، وإجلالا، وتعظيما، ورغبة فيما عنده، وزهدا فيما يفنى.
وفي المسند عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إني أعلمكم بالله وأتقاكم له قلبا”.
قال ابن مسعود رضي الله عنه لأصحابه:”أنتم أكثر صلاة وصياما من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم كانوا خيرا منكم قالوا: ولم؟ قال: كانوا أزهد منكم في الدنيا وأرغب في الآخرة.”
وقال بكر المزني:”ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة، ولكن بشيء وقر في صدره.” قال بعض العلماء المتقدمين:” الذي وقر في صدره؛ هو حب الله، والنصيحة لخلقه.”
وسئلت فاطمة بنت عبد الملك زوجة عمر بن عبد العزيز بعد وفاته عن عمله؟ فقالت:”والله ما كان بأكثر الناس صلاة ولا بأكثرهم صياما، ولكن والله ما رأيت أحدا أخوف لله من عمر؛ لقد كان يذكر الله في فراشه فينتفض انتفاض العصفور من شدة الخوف حتى نقول: ليصبحن الناس ولا خليفة لهم.”
لطائف المعارف لابن رجب، ص: 254.
فاللهم ربنا وفقنا لإصلاح قلوبنا وتزكيتها وأعنا على ذلك وارزقنا الثبات في ذلك حتى نلقاك.
كتبه أبو فهيمة عبد الرحمن عياد
بجاية يوم الاثنين 21 ربيع الاول 1444
17 أكتوبر 2022
نشره موقع العلم والعمل