كلمات يسيرات حول مقولة ابن بطة العكبري رحمه الله

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛ فقد قال الإمام ابن بطة العكبري -رحمه الله تعالى- في كتابه (الإبانة الكبرى: 2/596) : “إن هذه الفتن والأهواء قد فضحت خلقا كثيرا، وكشفت أستارهم عن أصول قبيحة، فإن أصون الناس لنفسه أحفظهم للسانه، وأشغلهم بدينه، وأتركهم لما لا يعنيه. “

فجاء كلامه وعاء فيه الحكمة والعلم وموافقا للحقيقة وواقع كثير من الناس، ولا يزال يذكره أهل العلم بيانا للسنة والصراط المستقيم، وتحذيرا مِن سبل مَن تنكب الهدى وابتعد عن السنة وغوى.

فنعوذ بالله من هذه الأهواء والأدواء التي تصنع مواقف وأحكام من ابتلي بها، فتبعدهم عن الرشاد، وتصدهم عن الحق والصواب والسداد؛ يعيشون الوهم والزيف، ويضيعون أعمارهم في سفاسف الأمور ولا يبالون، استولت عليهم الوساوس والظنون فزين لهم الشيطان ما يصنعون، وتأتيهم العبر والعظات والدلائل فلا يرعوون؛ غلبتهم أدواء قلوبهم فكابروا الحقائق، واستغلوا الفتن فركبوا الموجة للظهور وراء كل ناعق مائق؛ فما لهم لا يتعظون، ومن غفلاتهم لا يفيقون؟!

وكذلك تصنع أمراض القلوب وشرور النفوس لما تطغى على أصحابها فتوردهم البوائق.

فرحم الله من نظر ما ينفعه في يومه وليله فلزمه، ونصح نفسه فألزمها بالاشتغال بدينه علما وعملا ودعوة، وترك ما لا يعنيه وهجر مل لا ينفعه ولا يُغنيه ((يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَي اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)) ]الشعراء: 88-89[.

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: “قيل لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ: أيُّ الناسِ أفضلُ؟ قال :”كلُّ مخمومِ القلبِ صدوقِ اللسانِ.” قالوا: صدوقُ اللسانِ نعرفُه؛ فما مخمومُ القلبِ؟ قال:”هو التقيُّ النقيُّ لا إثمَ فيه ولا بغيَ ولا غِلَّ ولا حسدَ.” (صححه العلامة الألباني في صحيح ابن ماجه: 3416).

فيا عبد الله، اعرض نفسك على هذا الحديث تعرف حقيقتك، وتعرف قدرها وحظها من هدي الإسلام والسلف الكرام: ((بَل الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)) ]القيامة: 14[.

فانتبه يا مسلم ولا تكن إمعة يجرك من تلك حالهم فيوقعونك في بلاياهم: و”الصاحب ساحب” و”الطبع سراق”.

ولقد رأينا هذه البلايا وعشناها ولا نزال مع هؤلاء الصعافقة ومع كل من تلوثت سيرته وتدنست أخلاقه، فشابهت أخلاقه أخلاقهم وسيرته سيرتهم.

فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونسأله سبحانه أن يوفق من وقع في حبائل الشيطان أن يؤوب إلى رشده ويتوب إلى ربه؛ إنه سبحانه يقبل التوبة عن عباده، ويوفق إليها من يشاء من خلقه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.

وكتب: أبو فهيمة عبد الرحمن عياد البجائي (02 ذي القعدة 1441/23-06-2020).